يثير تدخين طلاب المدارس موجة من القلق في السودان بعد أن كشفت دراسة حديثة عن وصوله لمعدلات مخيفة تضع تحديات كبيرة أمام محاربة التبغ وتعكس تواضع الجهود الرسمية والمجتمعية المبذولة في هذا الإطار.
كشفت دراسة جديدة أن 74% من طلاب المدارس السودانية يدخنون، مما أثار موجة من القلق في صفوف الأوساط الطبية والتعليمية.
وبينت الدراسة -التي أعدتها إدارة الصحة المدرسية بوزارة الصحة- أن نسبة انتشار تعاطي التبغ بين البالغين بلغت 29.1% بمعدل يومي بلغ 24.7%، بينما بلغت نسبة التعاطي بين الإناث 3.5% بمعدل يومي بلغ 2.9%.
ويقول الطالب (ع.ح.ب) إن رحلته مع الدخان بدأت في السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية عبر المشاركة في تدخين سيجارة واحدة مع ثلاثة من أصدقائه أثناء الدوام المدرسي قبل أن يصبح مدخنا منتظما.
ويوضح للجزيرة نت عدم ميله للتدخين من قبل، مشيرا إلى أنه اعتاد وجود علب السجائر في أنحاء متفرقة من منزل الأسرة منذ سنوات طويلة، "لكن الشعور بضرورة مشاركة الزملاء في تجربة التدخين قاد لذلك".
أضرار صحية
ولا ينكر (ع.ح.ب) علمه المسبق بالأضرار الصحية الناتجة عن التدخين، لكنه يقول إن هذه الأضرار تنتج عن الاستمرار في التدخين لفترة طويلة، وهو "أمر مستبعد بالنسبة لي".
ويؤكد عدم علم أسرته بما اعتاده من تدخين، معتبرا أن الأمر ليس ذا أهمية حتى يخضع للتدخل الأسري، "فهي مجرد تجربة يحدد بعدها الاستمرار أو الإقلاع".
وشملت الدراسة أكثر من 50 مدرسة في مختلف أنحاء السودان غطت الفترة من 2010 إلى 2012.
وحمّلت الدراسة أولياء أمور الطلاب مسؤولية الظاهرة التي وصفتها بالخطيرة، مشيرة إلى أن 44% فقط من الآباء يحاولون التواصل مع أبنائهم وملء أوقات فراغهم بالأنشطة المفيدة.
أما النسبة الباقية فتتجاهل مخاطر فراغ الأطفال وتُهمل الإشراف والمتابعة والاهتمام بمعرفة كيف يقضي الأبناء أوقاتهم بعد الدوام المدرسي.
وحذرت الدراسة من الآثار الصحية المدمرة لتعاطي التبغ على تلاميذ المدارس من الجنسين، مؤكدة أن ارتفاع نسبة المتعاطين في السودان ترافقت مع حلوله في المرتبة الثانية عالميا في ارتفاع نسبة المواليد ناقصي النمو.
ورأت مديرة إدارة الصحة المدرسية بوزارة الصحة ليلي حمد النيل أن التصدى للظاهرة يحتاج لتضافر جهود جميع الجهات في الدولة والمجتمع وتنفيذ المزيد من برامج التوعية بمخاطر التبغ. وطالبت بإعداد دليل إرشادي للمعلمين حتى يبينوا للتلاميذ وأولياء الأمور مخاطر تعاطي التبغ.
ودعت إلى مؤتمر صحفي لتقوية الإطار القانوني الذي يحمي كل فئات المجتمع من مخاطر التدخين خاصة بين تلاميذ المدارس، مطالبة بتطبيق لوائح قانون مكافحة منتجات التبغ في السودان.
التدخين والسرطان
من جهته يبدي اختصاصى أمراض الأورام بمستشفي الأشعة والطب النووي كمال حمد عدم رضاه عن الجهود المبذولة لمكافحة تعاطي التبغ. وقال إن معظم حالات الإصابة بمرض السرطان بالبلاد ناتجة عن تعاطي التبغ.
وأشار للجزيرة نت إلى طرح اختصاصيي أمراض الأورام عدة أفكار لمكافحة التبغ مثل إقامة دورات تدريبية لمعلمي المدارس لأجل توعية التلاميذ "إلا أنها لم تجد الاستجابة من الجانب الرسمي"، قائلا إن الدولة لا تتبنى سياسة قوية لمحاربة التدخين.
ويرى أن المجتمع المدني يعمل بطريقة خجولة، لأنه لا يملك الإمكانات اللازمة لمواجهة التبغ وشركاته.
لكن منسق البرنامج القومي لمكافحة التدخين رضوان يحيى يرى أن جهود الدولة لمكافحة التبغ لا تزال مستمرة ومتصاعدة، رغم أن شركات التبغ تعمل لأجل تقويض كل الجهود التي تبذل للمكافحة.
وقال للجزيرة نت إن وزارة الصحة الاتحادية تعمل على سد ثغرات قانون مكافحة التبغ سعيا وراء إحكام الإطار القانوني لعملية محاربة التدخين.
واعتبر أن توقيع السودان على الاتفاقية العالمية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالتبغ ومنتجاته دليل على وجود جهود كبيرة لمكافحة التدخين على المستوى الوطني.
—————-
عماد عبد الهادي-الخرطوم
المصدر : الجزيرة