حرية … سلام وعدالة

.

هكذا يفكــّـر رئيس سوداني سابق !


حرص الرئيس السوداني الاسبق عبدالرحمن محمد حسن سوار الذهب في حواره مع صحيفة عكاظ السعدية والمنشور الاربعاء 16 أبريل .. حرص على إلقاء اللوم على الغرب عامة والولايات المتحدة الأمريكية خاصة .. فيما تعانيه بلاده من بلايا وكوارث دون أن يبرئ أو يتهم صراحة خلفه الحالي – ناهيك عن لوم نفسه ومن سبقه من رؤساء ومسئولين – من أي "نسبة" من هذه الكوارث والبلايا وكأني به يريد أن يقول أن البشير – على الأقل – لا تجري عليه شروط التكليف وأنه غير مؤاخذ بفعائله. ولو شاء سوار الذهب أو أبى فإن متن حواره كله يمثل إدانة للبشير قصد أو لم يقصد . فحديثه عن أن السودان كان يجب أن ( يوظف الأموال في الأدوات الرئيسية لتقدمه، ألا وهي الزراعة في المقام الأول ومن ثم في استخراج بقية المعادن) إدانة ضمنية لإهدار نظام البشير لعشرات المليارات من الدولارات التي توفرت من استخراج البترول خلال عشر سنوات دون أي صرف يذكر – أو لا يذكر – على تطوير الزراعة .. بل على العكس تماما ً… فقد أخرج البشير بلاده من المولد النفطي يعاني معظم إن لم يكن كل سكانها الفقر وتشكو أكبر مشروعاتها الزراعية وعلى رأسها الجزيرة الخراب والدمار والموت السريري ومع ذلك لا يقول سوار الذهب صراحة أن البشير هو هذه المؤامرة الغربية نفسها – إن سلمنا بوجودها – إن لم يكن هو الجزء الأكبر منها وبعكس ذلك يرى سوار الذهب في الملاحقات الجنائية الدولية ضد البشير مجرد (ضغوط سياسية حتى لا يكون هناك استقرار في السودان، لأن الاستقرار يعني التنمية والتنمية تعني التوسع في إمكانيات السودان واستغلال ثرواته الواسعة وبالتالي يصبح دولة عظمى.) دون أن يوثق لنفسه شهادة بحق الذين قتلتهم أيادي البشير أو سياساته على الأقل في دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان والذين لم يقل عددهم بشهادة البشير نفسه عن عشرة الاف قبل سنوات استمر القتل بعدها كثيرا وكثيرا جدا . لم يتحدث سوار الذهب عن طبيعة استجابة البشير لهذه الضغوط – ان اتفقنا أنها مجرد ضغوط لا تقوم على سوء أداء وسوء طوية لدى النخبة الحاكمة في الخرطوم – ولم يشر للثمن الذي قبضه البشير من الغرب نظير تمريره لما أسماه سوار الذهب الفصل المخطط له لجنوب السودان . كشف سوار الذهب أن الانفصال وقع بعد أن أرسل الأمريكان مندوبيهم إلى الجنوب ولكنه لم يشأ أن يكشف عن طبيعة الصفقات التي بموجبها جعل هؤلاء الأمريكان خرطوم البشير ترحب وتفرح بهذا الانفصال و "ترقص" له طربا ونشوة . لكن سوار الذهب – والحق يقال – سجل إدانة ولوما خجولين لانقلاب البشير والترابي في 30 يونيو 1989 بقوله أن فترة الديمقراطية الثالثة التي أعقبت سنة حكمه الانتقالية (كانت أفضل نوعيا، ولو استمر الوضع قليلا وتمت إعادة الانتخابات بعد انتهاء فترة السيد صادق المهدي لربما كان الوضع أفضل قليلا لأن الوضع الديمقراطي دائما تسمح فيه انتقادات يمكن أن تقوم الأخطاء التي ترتكب) وهذه شهادة عزيزة على أن ثمة أخطاء ارتكبت وعلى أن هناك جو لم يسمح بتقويم هذه الأخطاء . شهادة لا تعيبها سوى كلمة قليلا هذه والتي تكررت مرتين للتقليل فيما يبدو من سيئات نظام البشير العظيمة . وعلى الرغم من إطراء سوار الذهب لمزية النقد في هذه الشهادة إلا أنه يصر على إلقاء اللوم كله في تأخر وتدهور الدولة السودانية للمؤامرات الخارجية حتى بعد أن باغته المحاور بقوله (لماذا هي دائما المؤامرة خلف عدم تطور السودان بالرغم من أن العديد من الدول المجاورة ونماذج عالمية أخرى مثل الصين والهند وسنغافورة تطورت؟) أصر رئيسنا الأسبق إصرارا عجيبا على التمترس خلف (السودان مؤهل بأن يكون دولة عظمى ذات إمكانيات اقتصادية واسعة، لكن لكي يحرموه من هذه الميزة حركوا عليه الكثير من القضايا المحلية لكي يبدو باستمرار غير موفق في تحقيق الاستقرار الذي يسمح له بالاستفادة من هذه الثروات الطبيعية 

—————

فتحي البحيري 

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 0.00% ( 0
شارك في التصويت )



اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.