حرية … سلام وعدالة

.

نحو خارطة أفريقية للحقوق والحريات : أين حقوق المثليين .. الأساسية؟


على افتراض أن هناك نسبة مقدرة من المثليين الأفارقة باختيارات واعية وميول طبيعية وليس نتيجة لتعقيدات الكبت والفقر والحروب والنزوح  والضياع التي يعيشها الانسان الأفريقي حالياً فإن المدافعين الحقوقيين مطالبين بالقتال لأجل حقوق هؤلاء المثليين الأساسية .. المدنية والسياسية والاقتصادية … قبل حقوقهم المثلية ..إذ كيف يمكنني اكتشاف مثليتي وممارستها وأنا جائع ونازح وأمي وواقع تحت نير الفقر والجهل والتخلف إضافة إلى كوني ضحية للديكتاتوريات المحلية والفساد المعولم والتطرف الديني  واستغلال الآخرين المستدام لأرضي ومواردي. وفوق ذلك كله .. فريسة للأوبئة والأمراض الفتاكة وعلى رأسها الإيدز المرتبط في الأذهان لا يزال بذات هذه المثلية..

حسناً .. هناك الكثير من الحقوق والحريات التي تعاني تدهوراً خطيراً في القارة الأفريقية الحق في الحياة ، الحق في التعليم والحصول على الطعام والماء الصالح للشرب والمسكن الصحي الملائم والحصول على رعاية صحية أساسية ، الحق في العمل والضمان الاجتماعي .. حرية الاعتقاد والتعبير والتنظيم حرية الانتقال داخل الأقطار وداخل القارة وإلى خارجها .. وغير ذلك … وإذا حاولنا سرد الأرقام والوقائع التي تؤكد انتشار هذا التدهور في طول وعرض القارة فإننا سنحتاج دون شك إلى مجلدات وغير خاف على أحد مسئولية المجتمع الدولي عن هذا التدهور وعن استمراره أيضاً . فالأسلحة التي تستخدم لقتل الإنسان الأفريقي وإرهابه وإبادته وتنزيحه عن أرضه صنعت كلهاخارج القارة ويستمر تصنيعها والتربح فيها خارج القارة وترويجها في سوق النزاعات الإفريقية المسلحة التي لا يكاد ينتهي أحدها حتى يشتعل اثنان آخران أو ثلاثة والديكتاتوريات المحلية التي تصادر الحقوق وتقمع الحريات مسنودة في الغالب بقوى عالمية .. بل حتى التطرف الديني صار يتمكن بمساعدة الغرب تحديداً وما يجري في ليبيا خير مثال على ذلك.

فإذا كان هناك مثليون أقحاح ضمن هذا الخضم المتلاطم فلا شك أنهم بحاجة ماسة أولا ً لمجابهة هذا التدهور المريع في الوضع الحقوقي العام الذي  ينبني عليه اختبار ما إذا كانت هذه المثلية طبيعية وتلقائية وغير متأثرة بالكبت والضياع الناتج عن فقدان أي من هذه الحقوق والحريات.زد على ذلك أن أية إثارة لملف الحقوق والحريات المثلية في القارة الأفريقية – والذي يكتسب حساسية خاصة نتيجة لتصادمه الحاد مع ثقافات محلية لا تزال راسخة حتى في أذهان ووجدان المتعلمين ناهيك عن الأغلبية الجاهلة والأمية –  من شأنه أن يؤثر سلباً على أي تقدم كائن أو ممكن في مايتعلق بكل هذه الملفات.. فالديكتاتوريات المحلية لاشك ستستفيد من أي انقسام يحدث في صفوف المدافعين عن الحقوق والحريات السياسية وعامة الجماهير نتيجة مواقفهم التي لا بد أنها ستتباين تجاه الحقوق المثلية .. والتطرف سيتغذى بالتأكيد من الشرخ الناتج عن مناقشة هذه الحقوق في مجتمعات تعتبر ثقافاتها المثلية نقيض للنخوة والشرف .. وربما يلوذ المعتدلون من المتدينين الكاثوليكين والمسلمين وغيرهم بالصمت والسلبية إزاء هذا الأمر لما يسببه لهم الخوض فيه من حرج مزدوج إزاء قناعاتهم المدنية بالحرية من حيث المبدأ واعتقاداتهم الدينية المسنودة بثقافات مجتمعاتهم المحلية تاركين بذلك المجال واسعا ً لتطرف يسب هذه الأديان والمعتقدات والثقافات ويزدريها وتطرف مضاد يرى في المثلية حرية خرجت عن إطارها الفلسفي والإنساني إلى عبثية لا زال العلم والمنطق والوجدان السليم – بحسب من يعارض المثلية – لا يقرها ولا يجيزها. والخوف الأكبر أن تتكرر مقولة جومو كينياتا عن الاستعمار والتبشير والانجيل وملكية الأرض الأفريقية .. مرة أخرى مع الفارق .. في هذه المرة يأتي الانسان الغربي بإنجيل (المثلية) وننشغل به .. صلاة ودفاعا ونقاشا وجدلا .. ثم نفتح أعيننا فلا نجد لدينا روحا ولا هوية ولا انسانية ولا ثقافة ولا حرية … ولا  – حتى – جسداً معافى ذا ميول مثلية ولا غيرها .. على أن أكثر ما يثير الريبة والشك في هذه المسألة هو ربط القوة العظمى في الكوكب لإقرار الحقوق المثلية بالمساعدات ! هل المساعدات مقدمة من البداية لشعب يحتاجها فعلا ً أم إلى سلطة سياسية ؟ وهل وقفها عقوبة للشعب أم للسلطة؟ وكيف يعاقبون شعباً لأن سلطته السياسية رفضت إقرار ما ينفعه لو كانوا صادقين ؟ 

—————————

فتحي البحيري 

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 0.00% ( 0
شارك في التصويت )



اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.