عبر صناديق الاقتراع قررت المنظمات والروابط الإسلامية في الهند معاقبة حزب بهاراتيا جاناتا على سياساته وممارساته “المتطرفة”، فدعت للحيلولة دون وصوله لسدة الحكم، ولأول مرة في تاريخها الانتخابي بدت الأقلية المسلمة متماسكة من أجل تحقيق هذا الهدف.
لأول في مرة في تاريخ انتخابات الهند أكبر ديمقراطية في العالم تجتمع الأقلية المسلمة على مهمة واحدة هي إسقاط حزب الشعب الهندي بهاراتيا جاناتا لمنع رئيسه ناريندرا مودي الذي يوصف بالمتطرف من الوصول إلى سدة الرئاسة.
وتعود قصة العداء المستحكم بين مسلمي الهند ومودي -رئيس وزراء ولاية كوجرات- إلى فبراير/شباط عام 2002، حيث تسببت الاضطرابات الطائفية التي امتدت لأكثر من شهرين في مقتل وتشريد عشرات الآلاف من المسلمين.
وسجلت وقتها منظمة مراقبة حقوق الإنسان مقتل نحو ألفين من مسلمي الهند، فيما تم تشريد نحو مائة ألف منهم. ووفق شهادات، اتهمت المنظمة زعماء في حزب الشعب وفي مقدمتهم رئيس الولاية مودي بالمسؤولية عن هذه الأحداث.
فرصة للأقليات
ووفقا لمحللين، فقد وجدت الأقليات الهندية -خصوصا المسلمين- في هذه الانتخابات الفرصة لمعاقبة حزب الشعب الذي يرون أن قادته تورطوا بشكل مباشر في جرائم ضد المسلمين في عدة مناطق من البلاد.
ويرى رئيس تحرير جريدة “مللي غازيت” ظفر الإسلام خان أن هذه الانتخابات تشكل انعطافة في تاريخ مسلمي الهند، إذ إنها المرة الأولى التي يتم فيها التنسيق بين قادة الجماعات والمجالس والمنظمات الإسلامية للتوحد في العملية الانتخابات من أجل إسقاط حزب الشعب.
وأضاف -في حديث للجزيرة- أن زعماء الأقلية المسلمة طالبوا أفرادها بالتصويت ضد التطرف الذي يمارسه حزب الشعب، مؤكدا أن نسبة تصويتهم في هذه الانتخابات ستكون مرتفعة عن غيرها بسبب حالة “الاستنفار من أجل إسقاط هذا الفاشي”.
وبين خان أن الحزب الهندوسي “المتطرف” بدأ حملته الانتخابية بالتركيز على النواحي الاقتصادية ورفاه الشعب، لكنه بعد أن شعر بتراجع في الجولات الأولى عاد إلى لهجته المعروفة باستعداء المسلمين واستدعى تاريخه الملطخ بالجرائم ضدهم من أجل الفوز بأصوات قادة الهندوس المتطرفين وأتباعهم، على حد قوله.
الصوت المسلم
وأظهرت هذه الانتخابات أهمية أصوات المسلمين في الهند، حيث سعت الأحزاب السياسية إلى استمالتهم، وقدمت برامج انتخابية تحتوي على كثير من الوعود لتحسين أوضاعهم ومنحهم حقوقهم في التعليم والتوظيف في الدوائر الحكومية والعمل في الشرطة والجيش، والمحافظة على الأوقاف الإسلامية.
لكن المحاضر في جامعة أليجار الإسلامية الدكتور عبد الله فهد أكد عجز المسلمين عن تشكيل قوة انتخابية في أكبر ديمقراطية بالعالم نتيجة السياسات التي تمارس ضدهم من قبل الحكومات المتعاقبة.
بيد أنه أشار في حديث للجزيرة نت إلى أن هذه المرة تختلف عن سابقاتها، حيث يوجد لدى المسلمين توحد وقناعة تامة بأن لا خيار أمامهم سوى إسقاط حزب الشعب “المتطرف المعادي لجميع الأقليات الموجودة في الهند وليس للمسلمين فقط”.
وقال إن معطيات الجولات المتتالية من هذه الانتخابات تشير إلى أيا من حزبي المؤتمر بقيادة عائلة غاندي والشعب بقيادة مودي لن يحوز على أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة وحده، ومن هنا تظهر أهمية التحالفات التي قد يكون للمسلمين فيها دور واضح.
ويحق لأكثر من ثمانمائة مليون هندي المشاركة في الانتخابات التي تمتد على تسع جولات سيكون آخرها في 12 الشهر الجاري، فيما ستعلن النتائج بعدها بأربعة أيام.
وتتنافس الأحزاب الهندية وفي مقدمتها حزبا الشعب والمؤتمر على 543 مقعدا في مجلس النواب. ويحتاج أي حزب أو ائتلاف للحصول على 272 مقعدا على الأقل لتشكيل حكومة أغلبية.
المصدر : الجزيرة