القاهرة- قبل 14 عاما ولدت حركة 6 أبريل الشبابية المعارضة من رحم انتفاضة عمالية هزت نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، لتلقي حجرا في مياه السياسة المصرية الراكدة.
وبحماس الشباب الباحث عن الحرية والراغب في تغيير أوضاع بلاده انطلقت الحركة تسعى إلى تحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي في مصر، وفق ما أعلنته قياداتها آنذاك.
ضمت الحركة أطيافا متعددة من الشباب لا ينتمي أغلبيتهم إلى أي تيار سياسي، ورغم ذلك فقد عانت من انقسامات وانشقاقات، وتعرضت لحملات تشويه واتهامات من الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم البلاد.
لعبت الحركة أدوارا متعددة في الأحداث السياسية المصرية فأسهمت في إسقاط حكم مبارك الذي استمر لنحو 3 عقود، وناضلت ضد حكم المجلس العسكري، وساندت الرئيس الراحل محمد مرسي قبل أن تنقلب عليه وتدعم تدخل الجيش للإطاحة به من السلطة بعد عام واحد.
ثم عادت 6 أبريل لمعارضة السلطة الجديدة التي كتبت نهاية الحركة بحظر عملها، وسجن بعض رموزها والاحتفاء بالبعض الآخر.
وفي ذكرى تأسيسها في مثل هذا اليوم 6 أبريل/نيسان 2008 نتعرف على بداية الحركة ونهايتها، ومصير بعض قياداتها ووجوهها البارزة بين السجن وعضوية البرلمان.
محطات 6 أبريل
كان الظهور الأول للحركة في 6 أبريل/نيسان 2008 بعد مشاركتها بقوة في الإضراب العام للاحتجاج على تدهور الأوضاع المعيشية وتضامنا مع عمال الغزل في مدينة المحلة الصناعية الواقعة بدلتا مصر شمال العاصمة القاهرة.
اعتقل العديد من أعضاء الحركة وبدأت شعبيتها تزداد في أوساط الشباب، ونظمت العديد من الفعاليات الاحتجاجية، وتوجتها بالمشاركة الفعالة في الدعوة إلى تظاهرات 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي تحولت إلى ثورة شعبية انتهت بالإطاحة بالرئيس مبارك.
ومع تولي المجلس العسكري مقاليد السلطة، ناضلت الحركة ضده، وطالبت بسرعة إجراء الانتخابات وتسليم السلطة لرئيس منتخب، وشاركت الحركة في أحداث محمد محمود الأولى في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وأحداث مجلس الوزراء وأحداث محمد محمود الثانية في فبراير/شباط 2012.
تعرضت الحركة في هذه الفترة الأولى لانشقاقات في أبريل/نيسان 2011 بعد انفصال 500 عضو وتشكيل جبهة مناوئة للمنسق العام أحمد ماهر عرفت باسم (6 أبريل – الجبهة الديمقراطية)، ثم جاء الانقسام الثاني بعد إعلان جبهة ماهر تأييد محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012.

لم يستمر تأييد جبهة ماهر لمرسي طويلا، وشاركت الجبهتان في الدعوة لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 التي مهّدت للإطاحة بأول رئيس مدني منتخب.
وأعلنت الحركة تأييدها لتدخل الجيش لعزل مرسي، ودعمها “خريطة الطريق” التي أعلنها وزير الدفاع وقتها عبد الفتاح السيسي في 3 يوليو/تموز 2013، ولكنها انتقدت لاحقا ما سمته “إراقة السلطة للدماء”، في إشارة إلى قيام السلطة بفض اعتصامي مؤيدي مرسي في ميداني رابعة العدوية والنهضة والذي سقط فيه مئات الضحايا.
وفي نهاية 2013، أعلنت الحركة تراجعها عن دعم خريطة الطريق، ودعت لتظاهرات جديدة، وأعلنت رفضها قانون التظاهر الجديد، ما دفع السلطات إلى اعتقال عدد من أبرز رموز الحركة، قبل أن تأتي الضربة القاضية بصدور حكم قضائي في 28 أبريل/نيسان 2014 باعتبار 6 أبريل “جماعة محظورة”، ومصادرة مقراتها وممتلكاتها.
بين السجون والبرلمان
تفاوت مصير قيادات الحركة وأبرز رموزها فمنهم من غيبته السجون، بينما تحول فريق آخر من المعارضة إلى تأييد النظام الجديد ليصبح بعضهم نوابا في البرلمان.
أحمد ماهر
مهندس مصري ومؤسس حركة شباب 6 أبريل ومنسقها العام، وكان أحد أبرز منظمي إضراب أبريل/نيسان 2008، ومن أبرز الداعين لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
دعم ماهر انتخاب محمد مرسي رئيسا للجمهورية لكنه عاد وشارك في الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وأيد إطاحة الجيش بالرئيس المنتخب.
احتج ماهر وحركته على قانون التظاهر الذي صدر أواخر 2013، وشارك في وقفة احتجاجية ضد القانون في نوفمبر/تشرين الثاني 2013، ليتم اعتقاله وإحالته إلى المحاكمة.
وقضت المحكمة بسجن ماهر واثنين من النشطاء لمدة 3 سنوات بتهمة “التعدي على أفراد الأمن وإصابتهم وانتهاك قانون التظاهر وإتلاف الممتلكات”، ثم أيدت محكمة الاستئناف الحكم في 7 أبريل/نيسان 2014.
وأثار ماهر جدلا واسعا بعد تسريبه رسالة من محبسه بعنوان “للأسف كنت أعلم” أقرّ فيها بأنه كان على علم بالسيناريو المعد سلفا للإطاحة بمرسي، ما دفع البعض لاتهامه بخيانة الثورة.
أفرج عن ماهر في يناير/كانون الثاني 2017 ولكن تعين عليه قضاء فترة مراقبة شرطية لمدة 3 سنوات أخرى حتى عام 2020، كان يقوم ماهر فيها بإثبات حضوره يوميا لدى أحد أقسام الشرطة في شرق القاهرة.
محمد عادل
مدون وناشط سياسي مصري وأحد مؤسسي حركة شباب 6 أبريل والمتحدث باسمها عام 2009.
اعتقل عادل مع ماهر خلال الوقفة الاحتجاجية ضد قانون التظاهر، وأحيل للمحاكمة وصدر حكم بسجنه 3 سنوات، ووضعه تحت المراقبة الشرطية لفترة مماثلة.
تعرض عادل للاعتقال مجددا في 18 يونيو/حزيران 2018 بتهمة نشر أخبار كاذبة، وبعدها بأيام تم إدراجه بقضية أخرى أضيفت إليها تهمة الانضمام لجماعة إرهابية، وبعد احتجازه لعامين على ذمة القضيتين، اتهم عادل في قضية جديدة في سبتمبر/أيلول 2020.
وفي 27 يناير/كانون الثاني 2021 تمت تبرئة عادل في القضية الأولى، ولكنه ما زال محتجزا في انتظار المحاكمة في قضيتين أخريين.
عمرو علي
أحد مؤسسي حركة شباب 6 أبريل ومنسقها العام بعد اعتقال أحمد ماهر عام 2013، وتعرض بدوره للاعتقال عام 2015، وتم تقديمه للمحاكمة.
في فبراير/شباط 2016 صدر ضده حكم بالسجن 3 سنوات بعد اتهامه بـ”التظاهر وإثارة الشغب، ومقاومة السلطات، والانضمام لحركة أسست على خلاف أحكام القانون، تدعو لتعطيل الدستور ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، واستخدام القوة والإرهاب لقلب نظام الحكم في البلاد، وحيازة منشورات”.
إسراء عبد الفتاح
ناشطة سياسية من مؤسسي الحركة، عارضت مبارك والمجلس العسكري ومرسي وأيدت الإطاحة بالأخير، وتحولت إلى تأييد نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي.
عادت إسراء للأضواء في أكتوبر/تشرين الأول 2019 بعد قيام أفرد أمن باقتيادها إلى مكان مجهول قيل إنها تعرضت فيه للتعذيب بالتزامن مع حملة تشويه إعلامية تضمنت اتهامات أخلاقية، قبل أن تواجه اتهامات نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها.
احتجزت الناشطة السياسية نحو عامين قبل أن يتم إخلاء سبيلها في 17 يوليو/تموز 2021.
طارق الخولي
شغل منصب مسؤول العمل الجماهيري في الحركة بمحافظة القاهرة، وبعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011 قاد الخولي انشقاقا داخل الحركة وأعلن تأسيس ما عرف بـ6 أبريل – الجبهة الديمقراطية.
ظل الخولي متحدثا إعلاميا للحركة لفترة، وحاول تأسيس حزب سياسي يحمل اسم 6 أبريل ولكنه لم ينجح في ذلك.
عارض الخولي حكم الرئيس مرسي ودعم عزله، وأيد ترشيح وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي للرئاسة وتولى لجنة الشباب في حملته الرسمية لانتخابات الرئاسة عام 2014.
في عام 2020، أصبح الخولي نائبا في البرلمان المصري، وعضوا بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب.
محمد عبد العزيز
شغل عبد العزيز منصب المنسق العام المساعد وأمين الشباب بالحركة، وكان أحد أطراف النزاع الذي ثار داخل الحركة بعد سفر بعض أعضائها للولايات المتحدة عام 2009.
عارض عبد العزيز حكم الرئيس محمد مرسي وأسهم في تأسيس حركة تمرد لجمع التوقيعات المطالبة بالإطاحة بالرئيس المنتخب، ليتم اختياره لاحقا عضوا في لجنة تعديل الدستور، وعضوا بالمجلس القومي لحقوق الإنسان.
وفي عام 2020، أصبح عبد العزيز نائبا بمجلس النواب المصري ووكيلا للجنة حقوق الإنسان.