مقال صعب اكماله دون الخروج عن النص: عهد جديد لتجربة قديمة
بيئة الاحياء العشوائية بجوهانسبرج و ساوباولو افضل من بيئة الاحياء الراقية بالخرطوم ، وبالرغم من ان هذه النتيجة توصل اليها الدكتور صلاح الدين الزين مدير مركز الجزيرة للدراسات الحالي ورئيس الاتحاد العام للطلاب السودانيين وعضو البرلمان في سيرته الذاتية ، بالرغم من انها نتاج بحث ميداني استمر لعامين ودرجة الدكتوراة ، الا انه انكر ان تكون حريةالتعبير السياسي هي مطلب عموم الشعب ، وقال انها مطلب النخب الحزبية والسياسية ،وقال ان هناك نماذج لتنمية تمت في العالم تحت وطأة حكومات ديكتاتورية ، وبدا لي انه يشن هجوما علي من سماهم النخب السياسية والحزبية لصالح اطروحة بمشاركة عامةومباشرة للشعب في ادارة الدولة عبر منظومات جديدة ، وتردد في تسميتها بمنظمات المجتمع المدني لكنه ادرج هذه المنظمات ضمن المنظومات الجديدة الغامضة .
ثم جئت الي استماع قسري لكامل برنامج حسين خوجلي لليلة الخميس هذه ، فوجدته يشيع جوا من الرعب والفزع والخوف علي الاسماع ، ثم يمضي الي التذكير بسبب ترحاب الشعب بالانقاذ قبل 25 عاما انه كان لانها كانت ( ذات هيبة) ، وعرج بعدها الي اطروحة تشابه اطروحة صلاح الزين وقع الحافر علي الحافر ، دعوة مشاركة عامة للشعب في ادارة دولة المستقبل التي تلفظ الاحزاب من منظوماتها ، بدءا من المؤتمر الوطني الفارغ الا بحبل من السلطة .
اعترف صلاح الزين جهرا ان اسلاميو السودان وهو منهم فشلوا فشلا ذريعا في ادارة الدولة ، وهو اعتراف يكرره الجميع هذهالايام ، وهو اعتراف سبقهم اليه الترابي في تدبره لعبرة الاثني عشرا بمحبسه بعد توقيع حزبه لمذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية 2001، وهو اتفاق اذا مع الاتهامات من الاخرين ، لكن الاسلاميون يصلون باعترافاتهم الي نتيجة مغايرة كليا ، بسبب من تبريرهم ، فهم يرفضون التنحي عن ادارة السودان ، ويرفضون فتح باب الحريات العامة للجميع ( لانه مطلب النخب فقط !) ، فالاسلاميون يردون فشلهم المعترف به الي قصور تصوراتهم ونظرياتهم لادارة الدولة منذ الانقلاب في 1989 ، لكنهم بالطبع بعد ربع قرن من الاحتكاك ( مصطلح كروي سوداني) بتجربةالحكم ، وربع قرن من الاعداد والتأهيل والدراسة ، باتوا هم الاكثر كفاءة من غيرهم لصنع النجاح ، فقط لو تواضعوا ، واعملوا نوعا من التطهير لصفوفهم ، واتحدوا .
فإذا تذكرت هذا الاداء المسرحي المبهر للمحامي كمال عمر الامين السياسي للمؤتمر الشعبي ، وهو ينقلب من اقصي نقطة في لوحة الحوار الي ادناها ، دون ان يتذكر انه رجل يجب ان يكون له بصمته الشخصية في تكاليفه العامة ، ودون ان يكلف الشعبي نفسه تغيير الامين السياسي لصالح خطاب مغاير كليا ، حتي من باب الانتصاح بنصيحة الاب فيلب غبوش ( يا ولد يا فيلب العب بولتيكا) الا من حيث الاستجابة المباشرة لشكلها دون مغزاها ، فاذا ما تذكرت هذه المهزلة كاملة الدسم التي جرت علنا دون خجل او حياء ، فاننا نري حينها ان الاسلاميون بالسودان قد اعادوا ترتيب اوراقهم ، بحيث بات الموجه الاعلي لهم علي اختلاف مواقعهم ، هو الحفاظ علي السلطة .
بصورة ما ، يطمع اسلاميو السودان السودان في عهد جديد لتجربة قديمة ، تحت شعارات جديدة كليا ، شعارات بذات الالفاظ التي لطالما احتكرها خصومهم ، وباعادة فك وتركيب السلطة التي احتكروها لربع قرن من الزمان ، بحيث تطابق اعادة التركيب كل اشتراطات دعاة التعددية والحريات والديمقراطية ، مع تعديل طفيف ، وهو اقامة تعددية اسلامية كما سماها حسن مكي بدارالشعبي قبل شهور ، وديمقراطية اسلامية ، وحريات اسلامية ، وتوسيع للمظلة الاسلامية يشمل بها بعض من حزبي الامة والاتحادي ، وجماعات من السلفيين والمتصوفة ، واعادة توزيع للدولة بين الجميع بما يشابه النموذج الايراني ، مؤسسات متعددة ، وتيارات رئيسية ، الجميع يحكم ، والجميع يتنافس ، والجميع يربح .
واحد الضمانات الكبري لنجاح هذه المؤامرة التأريخية ، هو العبور الاقتصادي باحوال الشعب والبلاد الي درجة ما من الرخاء ، عبر اصلاح داخلي ، وتمويل خارجي .
——————
عامر الحاج
اكثر ما يحيرنى هو موجة الاقرار بالاخفاق وارتكاب الخطأ والخطايا من الاسلاميين هذى الايام…فما ان تمر ايام حتى يخرج علينا احدهم بتصريح من شاكلة:نعم اخطانا،،فشلنا…ارتكب الوطنى كذا وفشل فى كذا!! دون ان يتشجع احدهم ويتنحى! وكانما هم يستفزون الشعب السودانى ..نحن كدة وقاعدين!!