* البداية كانت بليغة بسقوط خيمة الاحتفال بذلك المعبر الذي صدعوا به الرؤوس منذ سنوات وكأنه (قناة بنما!)، فقد زرته سنة 2009م
وشكا مواطنون من تغول المصريين على الحدود (السائبة) التي توغلوا فيها قرابة 30 كيلومتر وقيل أزيَد من ذلك بكثير (ربما تربو
الكيلومترات عن المئة!).. وكتبت ذلك وقتئذ.. ثم عدنا بغبننا على عذابات تلك اللافتة التي تلفحها الريح: (رمال أرقِين الذّهب.. تشكو من
ذَهَبْ)..! في تلك الفيافي المهملة تشعر بأخلاط من مشاعر؛ ما بين عزة التراب وذلة المسؤول الرسمي الذي تكون غايته القصوى كلمة (
افتتاح!)… افتتاح أي شيء ولو باباً خشبياً بلا مبنى في الخلاء الموحش..! استحضرتُ أبيات شاعر عربي ذات معنىً طاعن في الحال؛ حينما تكون
النفس صغيرة "تتشابى" للسفاسف الآنية والشخصية، بينما الأرض ضائعة برملها الذي هو أغلى من الماس:
تلك البلاد إذا قلتَ: اسمها وطن
لا يفهمون ودون الفهم أطماعُ
يا بائع الأرض لم تحفل بعاقبة
ولا تعلّمت أن الخصمَ خدّاعُ
وغرّك الذهب اللمّاع تحرزه
إن السراب كما تدريه لمّاعُ
فكِّر بموتك في أرض نشأت بها
واترك لقبرك أرضاً طولها باعُ
* بلاغة الشعر حتماً بعيدة من عقول تغمض عن الحقيقة.. وكان افتتاح معبر "اشكيت" مناسبة لتأكيد أن الدبلوماسية عندنا (عك!)
و(مزاج!) ليس إلاّ..! فقد ورد في مؤتمر صحفي على لسان مدير إدارة القنصليات والمغتربين أن السودان متمسك بحقه في (حلايب!).. وأنها
سودانية.. إلى آخر الكلام (المطلوق) وقال: (مشكلة حلايب موجودة منذ القدم ولكنها لم توقف العلاقة بين مصر والسودان)..!
* بالأسلوب الهروبي الذي تخصص فيه (إعلامهم وصحفيوهم) أراد الرجل أن يخبرنا بالتاريخ وليس الحاضر الذي (نحن أبناؤه في الحزن النبيل!)
الحاضر الذي جعل منه دبلوماسياً مع جيش جرار لا يستطيع المواجهة القطعية دون الحاجة إلى حشر (العلاقة الأزلية!) في الموضوع.. وكأن
المشكلة الموجودة (منذ القِدم!) تبرير كافٍ لأن تكون الدبلوماسية والسلطة كلها بلا "عدة وعتاد" لتحرير الأرض التي يقول عنها الرجل (
سودانية).. بينما هي تتمصر على مرأى من وجوههم المهللة للمؤتمرات الاستهلاكية التي لا طعم فيها سوى (حلوى المال العام).. وتوالت
الأسطوانة في المؤتمر من آخرين… كأن افتتاح (شارع زلط) مهما كانت أهميته، بحاجة إلى مؤتمر في (المركز السوداني للخدمات الصحفية!!)
لتكون النتيجة اجترار للمصالح المشتركة و(سبل دعمها وتطويرها!!).. أنت يا هذا لديك تاريخ (ينقرض) فماذا يعني (الأسفلت) في وجود
النيل والفضاء..؟! والثمن (واحد) كما سنعلم لاحقاً..!
* الملاحظة المهمة أن الحديث عن حلايب في ألسنة من نسميهم دبلوماسيين حديث (موسمي) أو هو أشبه بمجاملة عابرة تنتهي بانتهاء
المناسبة..! وكذا الحال مع سياسيين حدود ملذاتهم وترابهم هي (الخرطوم)..! وبينما أكتب تأتيني أصوات مواطنين (من هناك!) تفيد بأن
الجمارك في معبر أشكيت الذي اُفتتح حديثاً فرضت رسوماً أساسية وقدرها "1500" جنيه سوداني لأية سيارة خاصة تريد العبور إلى
مصر.. ومن العجب أن السلطات المصرية لا تتحصل أية رسوم ..! هذا صوت أهل الأرض..!!
* مساكين أهل الأرض.. ألم يدروا أن حكومتنا تفتح جيبها بالمرصاد (للمصاريف!) في كل شبر؟! فلولا الرسوم لما كان (أشكيت)..! دعكم من
العلاقات الأزلية؛ فهي ليست بحاجة إلى معبر..! هل لدينا معبر نحو (الصين)؟!
* المهم.. إن انتظار الدبلوماسية (التي نراها) للدفع بملف حلايب للأمام؛ سيكون مثل انتظار نجاح والي الخرطوم في (فصل الخريف)
الابتدائي..!!
أعوذ بالله
—————
عثمان شبونة