حرية … سلام وعدالة

.

جذور الجنجويد


الذين يملؤون خياشيمهم في هذه اللحظات بوجوب وحدة المعارضة لم يكونوا في يوم من الأيام قادرين على تخيل إمكانية توحد أقصى درجات الجوع بسبب موقف وظرف ما مع أقصى درجات التخمة بسبب ذات الموقف وذات الظرف.  ولا يملكون تفسيرا منطقيا وعادلا لا يطأطئ الرؤوس لمفارقة أن ثمة مئات من الجوعى – على الأقل – سيساقون للموت بعد ساعات فداء شيخ مربك مرتبك لم ينجح الحياء – ولا أي شيء آخر – في إقناع اثنين من أبنائه وفلذات كبده المباشرين المتخمين (بثمرات تجويع نفس أولئك الجوعى المساقين إلى الموت فداء والدهما) بأن الموقف يتطلب منهما الاستغناء عن وظيفيتين مثيرتين للعار أصلا. 
الحزن الإنساني النبيل لاعتقال "فاخر" "وفاره" و  "أمين" للشيخ المربك المرتبك على العين والرأس، ولكن امتطاء هذا الحزن بغية إرباك ملايين الجوعى والمحرومين – لربع قرن أو يزيد –  من "الوظائف"  و "الطمأنينة" و "الحرية"  مجتمعة ليس إنسانيا ولا أخلاقيا على الإطلاق. 
الظاهرة الجنجويدية (التي تستخدم الآن كلافتة وديباجة لإدخال السودانيين في نفق مظلم جديد بدايته الخلاص من الفوضى ونهايته إعادة تدوير وتسويق قيادات أمعنت في الخيانة والخزي لخطها ولمبادئها الافتراضية ولجماهيرها بالارتماء المذل في حضن نظام مارس أسوأ أنواع التطهير العرقي في العالم والتاريخ ضد ذات هذه الجماهير) هي ظاهرة لها بداية مثلما نتطلع لأن تكون لها نهاية. ولها جذور نطمع صادقين – ونصف نصف – في اجتثاثها. فما هي بداية ظاهرة الجنجويد وماهي جذورها؟
   تم تكوين ما يعرف "بالتجمع العربي" بليبيا في ثمانينات القرن المنصرم وصار مظلة لتحقيق مصالح قذافوية في انجمينا باستخدام عرب تشاد المنضوين آنذاك تحت راية بن عمر (والذين ينحدر منهم موسى هلال وحميدتي وغيرهم من جنجويد اليوم)  و "الخبر" هنا أن الصادق المهدي كان من المساهمين الرئيسيين في إنشاء هذا التحالف الذي أصبح بداية لظاهرة الجنجويد التي يكتوي منها نحن وهو في هذه اللحظات المفصلية من عمر "الحقيقة". واستبيحت دارفور في عهده لتكون قاعدة لانطلاق عمليات بن عمر ضد تشاد.   
من الأحداث التي زادت اليقين بتورط الصادق المهدي ومسئوليته في رعاية وحماية "جذور" الجنجويد أن السلطات في الخرطوم – في عهده –  قد أمرت بإطلاق سراح خارجين على القانون ضبطتهم الشرطة في نيالا وبحوزتهم ثلاثة عربات لاندكروزر  وأرسل الصادق طائرة حملت المقبوض عليهم للخرطوم ولم يسمع أحد حتى الآن أي نبأ عن تقديمهم لأي محاكمة. أيضا كان لافتا أن تحوي الصحيفة الحزبية للصادق المهدي في 1987 على دعاية لافتة للتحالف العربي حملت توقيعات بعض كبار قادة نظام "جلده الذي لن يجر فيه الشوك" فيما بعد. 
  الارتباط العضوي بين جنجويد الأمس الذين أوجدهم الصادق وجنجويد اليوم الذين أطلقهم نظام البشير كالذئاب المذعورة في أجساد السودانيين وأموالهم متحقق بالضرورة . ومن ذلك أن نسبة مقدرة من جنجويد اليوم هم من عرب تشاد، ذات العناصر التي ذاقت "التسليح" وثمراته وتداعياته على يد التجمع العربي وبدعم سابغ من الصادق.
   الدعوات والأحلام التي تتوقع أن يصطف أهل السودان اصطفافا عادلا ونزيها ، لا غش فيه ولا استغلال ولا استحمار، لإسقاط نظام الإنقاذ بجنجويده ودفاعه الشعبي ومليشيات فساده كافة، يجب أن " تنتبه " أن اصطفافا كهذا مستحيل مستحيل ما لم يوضع الصادق المهدي في مكانه الصحيح. باعتباره شريكا أصيلا في الجرائم التي ارتكبت ولا تزال ترتكب ضد هذا الشعب، وليس جزءا من أي تحالف يهدف لإنهاء هذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها ومعاقبتهم العقاب العادل الذي يليق بهم. ألا هل بلغت؟

————————–

فتحي البحيري

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 0.00% ( 0
شارك في التصويت )



اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.