بعد تنامي الضغوط الدولية عليهما واتهام قواتهما بارتكاب جرائم حرب بحق المدنيين، يرى مراقبون أنه بات لزاما على رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وزعيم التمرد رياك مشار التوصل إلى اتفاق يحقن الدماء في اجتماعهما المزمع عقده بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
مثيانق شريلو-جوبا
عوامل عديدة يمكن أن تجعل اجتماع رفقاء الأمس وأعداء اليوم بجنوب السودان أمرا مؤكدا، إذ يرى متابعون أن قرار الإدارة الأميركية فرض عقوبات على مسؤوليْن عسكرييْن بارزيْن في الجيش الحكومي وجبهة التمرد يمثل ضغطا على رئيس البلاد سلفاكير ميارديت وزعيم المتمردين رياك مشار.
ومما يحتم عقد هذا الاجتماع استمرار التهديدات والضغوطات الدولية المتزايدة على الجانبين بدءا بزيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لجوبا، وانتهاء بتقرير منظمة العفو الدولية الذي اتهم قوات الطرفين بارتكاب جرائم حرب شنيعة بحق المدنيين.
ويتوقع أن يترك الاجتماع آثارا واضحة على مستقبل أحدث دولة في العالم، والتي باتت مهددة بالانهيار.
وسيجتمع سلفاكير ومشار الجمعة وجها لوجه بعد أكثر من أربعة أشهر على اندلاع مواجهات بين قواتهما خلفت آلاف القتلى بين المدنيين الذين سقطوا نتيجة الاستهداف الإثني.
وأغلب القتلى ينتمون إلى قبيلتي الدينكا والنوير اللتين ينحدر منهما على التوالي سلفاكير ومشار.
دعوات رسمية
وأقر مسؤولون من الطرفين باستلامهم دعوات رسمية من رئيس الوزراء الإثيوبي هايلي ديسالين الذي يعد الوسيط الأبرز لتسوية هذا الصراع.
وقال عضو المكتب السياسي للحزب الحاكم أكول فول المقرب من سلفاكير، إن الأخير سيلتقي بزعيم المتمردين لتحقيق السلام لشعب جنوب السودان في أقرب وقت ممكن.
وأشار إلى أن الضغوطات التي تمارس من قبل المجتمع الدولي تأتي لأن العالم لا يسمح باستمرار الحرب والدمار، مضيفاً أن نتائج الاجتماع ستؤدي إلى حل سلمي.
وكان بان كي مون زار جوبا الثلاثاء الماضي وهدد طرفي النزاع بالقول إن مجلس الأمن سيفرض عقوبات عليهما إذا فشلا في التوصل إلى اتفاق سلام يحمي المدنيين.
وحث بان الطرفين خلال زيارته على إجراء حوار سلمي يمهد الطريق لإنهاء القتال في بلدهما، مضيفا أن إيقاف الحرب والدمار يمثل أولوية قصوى بالنسبة له.
المحكمة الجنائية
وألمح بان إلى أن التقرير الذي سيصدر من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة يمكن أن يحوّل إلى المحكمة الجنائية الدولية لتتولى التعامل مع ملف الانتهاكات الفظيعة بحق المدنيين في جنوب السودان.
وجدد جيمس قديت المتحدث باسم رياك مشار التأكيد على حضور الأخير إلى أديس أبابا للاجتماع بخصمه، وقال للجزيرة نت “يمكنني تأكيد حضور زعيمنا لهذا الاجتماع”.
وأشار إلى أن الوقت غير مناسب للحديث عن النتائج المتوقعة للاجتماع، وأن طبيعة الأجندة المطروحة هي التي ستحدد ثمار اللقاء.
وقال إن مشار حريص على السلام، ولكن هناك مسائل تحتاج إلى النقاش أولا، مضيفا “لم يتعرض لضغوط دولية، لكن سعيه للسلام يدفعه للاجتماع مع سلفاكير”.
وكان بيان صادر عن جماعة مشار قد أشار إلى أن الحل النهائي للأزمة لا يكمن في لقاء القادة. ودعا البيان وزير الخارجية الأميركي إلى أخذ “قضية المرارات التي حدثت لضحايا الأزمة في جوبا” على محمل الجد باعتبارها واحدة من المسائل الرئيسية التي تؤجج الصراع في جنوب السودان.
وأبدى المحلل السياسي أبرام كولنينغ تفاؤلاً بشأن خروج اجتماع الزعيمين بنتائج ستؤدي إلى دفع جهود تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
واستبعد كولنينغ خروج الاجتماع بنتائج سلبية، قائلاً إن “التأكيدات المسبقة من الزعيمين للمجتمع الدولي تعد نتائج أولية للاجتماع”.
المصدر : الجزيرة