في عام 1972م سدد (دوقوبا) كارثة طبيعية ضخمة وبالتحديد خريف ذات العام , الذي لم تكن كما تعاود اليها محليي (بري بيع ) عامة و(دوقوبا) خاصة , في اول من يونيو من نفس
العام تمظهر حالة من القحط الغير العادي , وفقا لما قاله مفسر الاحوال الجوية التقليدي نسبيا بنسبة لنا من (دوقوبا) .." ان الاله ما عادت تزرف لهم اي دمعة من عيونه السحابية , بسبب المناوشات الطفيفة الذي نشاء هنا وهناك بين مجموعات المكانية في اجزاء العليا " و واصل المفسر الارصدي هذا, بعد ان ارتشف كوبا من الماء " الاله غضب الينا جمعيا ويجب ان نتظر العقاب" بعد محاولات مميتة استطاع ان يمسك واقعة المستقبل الكارثي الحتمي والتي ستضرب المنطقة باكلملها ,وذلك عن طريق رمى ما يقارب اربعة خرز في بطن رمال الجدول المائي الواقعة من ناحية الشرقية من (دوقوبا).
نشب الذعر والتوجس من هذه المستجدات البيئية , تغير امزجه الوجوه , ضجر من ضجر , ذهل من ذهل ,وفرض القلق سلطتها , واضطهد المتفائليين ,بعد ايام قليلة ارتضم (دوقوبا) الجفاف بشكل غير استثنائ , السماء ابت تزرف دمعة واحدة كما قاله رامي الخرز , شمخ الحرارة في مستواياتها المتعالية ,تضخم امواج العواصف الغبارية , شح الماء , يبس الابار, فرغ الخزانات , لفظ الحياة البرية النفس الاخير, سقم النبات , لا احد حصد حبة واحدة.
دنى ملامح بروز عام 1973م , بعد انقضى اكثر من احدى عشر شهر على بزوغ القحط والشحاحة , هلك في (دوقوبا) وحدها اكثر من نيف ارواح سكانها في مجابهة هذا الجفاف , كما هو مثيلها في القرى المتاخمة, كانت الخسائر والاضرار الحيوان والانسان بشكل هائل سواء كانت من جوانب الروحية و الجسدية , تبخر هذه الارواح مباشرة مع درجات الحرارة المتعالية الي قبة الزرقاء , كان مردود الانتاج من المحاصيل تشير الي درجة صفر ضخم في يمين العدد , هكذا لجا الاهالي الي طرق حديثة لجمع وصيانة المحاصيل ومن بينها تنقيب بيوت النمل , وتعدين ما فيها من حبوب الدخن والمؤن الاخرى.
في زريبة (ام توم ) وحدها فقد جل ابقارها والتي كانت تستدعيها باسماء مثيلة لابناءها , الآن اصبح تعبق من ذات الحظيرة رائحة كيميائية نتنة من فيزياء الجثث الابقار الميتة و لا شئ غيرها , وهي ايضا اصبحت نحيلة و واهنة بسبب النسق الغذائية الجديدة التي اتخذها كوسيلة وحيدة للبقاءها , ومن يعرفها من قبل ,تتصور في ذهنه او ذهنها ,هي عبارة عن هيكل عظمي تطوف القرية ,هي ايضا تسمع حركة عظامها اثناء السير.
البئر الوحيد الذي كان الناس يتجهون اليها ,الآن ابتلع مياها الي القعر , فقط تلمع من هناك خيوط الماء الشبيه بالزيت اثناء انعكاسها للشمس بنسبة لرؤية عيون الظمآن , سريعا تختبئ مياءها ما بين اللا معروف حبيبات الرمل و الحصوات,لذا فرغ المارة من الممر المؤدي الي البئر والذي كان تعبر من امام سياج ( اهالي توم)..منهم من اعتمد اطفاء ظماءه على طريقة نحر الجمل لاخراج ما في بطنها من الماء او على طريقة (توم) في الصحراء.
كما اسبقنا ان الموت اصبح امر حتمي واساسي لأي كائن كان , هو او هي في (دوقوبا) , هتك فضيحة التخليص (ماء) في احدى الوديان القريبة التي تستمد مياها من الجبل الاسود التي تبدو قريبة من (دوقوبا), في الآن ذاته ليست قريبة, على عجالة هرع الاهالي نحوها ,و تشكل حشد كبير واكتظ بها مكان الينبوع او النافورة المجاذفة او كما سماها الاهالي بال(عين الماء) . ما تبقى منها سوى هذه النتيجة , هو نشوب صراع ما بين مكتشفي عين الماء والظمآن الذين انكبوا صوب المكان .
————————-
بقلم/ اورقـــــــــو بونقـــــي جــــــوروك