حرية … سلام وعدالة

.

انتقاد الحاكم : بين ضرورة القانون وقانون الضرورة


بالطبع ان انتقاد انسان ما بما ليس فيه سواءا كان حاكما او محكوما خصلة غير حميدة ، وان الانتقاد للحاكم او المسئول يجب ان يكون مصوبا الي ادائه العام المؤثر في الجماعة ، ونعلم ان وجود شخصا ما في دائرة الضوء والاهتمام العام يجعل الابصار مصوبة الي خصوصياته تماما كما الي مسئولياته ، بل ان مجتمعا يتفشي فيه الجهل مثل مجتمعنا يجعل خصوصيات المتصدي للمسئولية العامة مثارا للجدل اكثر بكثير مما يلقي ادائه العام في واجباته ، ويسمونها ضريبة العمل العام والتي ينبغي ان يتحملها القائمون عليه مقابل اعتلائهم درجة ارفع ومقابل صيرورتهم قدوة للكثيرين من العامة ، وهذه الاخيرة اي كون المتصدي للعمل العام قدوة للبعض تلزمه الانتباه الي كافة اقواله وافعاله التي تلقي اهتماما ورواجا بسبب من موقعه العام . 
والنقطة الاولي بالحوار في الفكرة اعلاه هي ضرورة ان يكون الوصول الي موقع المسئولية العام والحكم ملتزما بالقانون وقيم العدالة والشفافية والنزاهة ، لان اي ارتقاء الي موقع عام ومركز مسئولية دون الكفاءة المؤهلة ووفقا للنظم العادلة والمرضية من المجتمع المحدد تجعل الشخص المسئول او الحاكم في موقع انتقاد يتجاوز احسانه او اخفاقه في اداء مسئولياته. 
ان الحاكم او المسئول الذي يصل الي كرسي الحكم او موقع المسئولية عن طريق غير متوافق عليه من الجميع انما يسن للجميع ان يسعوا الي الوصول الي الكرسي بذات الطريق ، ان الذين يصلون الي كراسي المسئولية والحكم عن طريق الانقضاض عنوة بقوة السلاح او قوة الخداع والمراوغة يجب ان يتوقعوا سعي المجتمع المعافي الي ردهم عن ظلمهم بالوسائل السلمية القانونية المتعارف عليها ، كما يجب علي ان يدركوا ان بعضا من هذا المجتمع الذي خرجوا هم عنه يشبههم في طرائق فكرهم وسلوكهم وسيسعي عبر نفس الطريق الذي سلكوه لازاحتهم عن المكان الذي اغتصبوه. 
ومن سنن المجتمعات السياسية ان المتجاوزين للنظم والقوانيين دائما ما يتصورون الجميع متجاوزون مثلهم ، وانهم كانوا في سباق ليس الا الي الكرسي ، وانهم فازوا به لانهم كانوا الاكثر قوة ودهاء ، وان الاخرين كانوا الاكثر ضعفا والاوهن كيدا ، ومن هنا يترسخ لدي الغاصبون مواقع ليست لهم ان ليس من سبيل الي الحفاظ عليها الا استدامة تفوقهم في القوة المادية والدهاء والخديعة ، وغالبا ما يكون دربهم الاسهل هو اضعاف الآخر اكثر من تحسس معاني قوة الذات ، لانهم لو كان لهم من ثقة ابتداءا بقوة ذاتية ما تجاوزوا النظام القانوني الطبيعي الذي يعطي لقوتهم حقها ويمنع الآخرين من التعدي عليها ، ومن هنا يبرز تفسير ظاهرة العنف والاضطهاد للآخر بهذه العقدة المتأصلة عند كل غاصب. 
وبطبيعة الحال فلن يفلح غاصب ما في التبرير انه مصلح وما كان لصلاحه ان يتبوأ مقعد الصدق الا عبر طريق فاسد ، انها مغالطة مريعة كم هوت بافكار واناس من قمة كان الجميع يحسبونهم عليها الي درك الخطأ الاول في متسلسلة اخطأ تراكمية لا يمكن اصلاحها الا عبر توبة نصوحة تستدعي التبرؤ من جملة ميراث الاغتصاب والياته . 
وهو تنبيه واجب الي جماعات الاصلاح التي تجابه الطغيان الي عدم الوقوع في فخ استسهال الوسائل تجاوزا عن القيم بدعوي الغايات النبيلة ، فلو انهم نظروا الي ظن الطاغية بنفسه يوم ان تجاوز النظام والقانون والي يوم جدالهم معه لنظروا الي نيات معلنة من الاصلاح يكذبها واقع من الاساليب والافعال الفاسدة بداعي الضرورة ، وما كانت الضرورة يوما سبيلا الي البناء .. بل ان الضرورة دوما سبيلا الي الحفاظ علي حد الكفاف من حياة الفرد والفكرة، وهي في اقصي حالاتها اضطرارا رخصة للضعيف ان يفقد ما هو جوهري عنده وهو قناعاته .. ولكنه ان كان قادرا علي الموت دون ان يبدل قناعته فلا فقه له باستخدام الضرورة . 

—————————

عامر الحاج

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 0.00% ( 0
شارك في التصويت )



اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.