* أن تتقدم أية جامعة سودانية (ولو درجات قليلة) فذلك مبعث رضا.. وللوهلة الأولى شعرنا بغبطة حينما سمعنا بتقدم جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا في الترتيب العالمي؛ وليس من سمع كمن قرأ.. ثم دون كبير عناء أدركنا أنها خطت للأمام بفارق لا بأس به في ظل أوضاع متردية للوطن كافة.. فقد أحرزت الجامعة المركز (3176) عالمياً وكانت قبله في المركز (4404) وهذه أفضلية لا تنكر..! لكن اكتشفنا أن الأمر لا يتعدى زوبعة و(شهوة) لتظاهر مدمني الإزعاج العام الذي يقوده تيار من ذات (الطينة) المتحكمة في الوطن..! فعلام يحتفلون رغم المركز المتأخر؛ بل الفضائحي؛ بالنظر لتقدُّم الجامعات العربية كافة علينا؛ حتى تلك التي تعتبر (طفلة) مقارنة بجامعاتنا..!؟ وقد كانت جامعة الخرطوم (المنكوبة!) أكثر عقلانية وهي تتدثر بالصمت إزاء ترتيبها العالمي المتقدم بفارق كبير على جامعة السودان؛ فهي في المركز (2070) عالمياً..!!
* جامعة السودان على خيبة الكثيرين فيها أقامت الاحتفالات بهذه المناسبة؛ باعتبارها (الأولى!) على مستوى الجامعات السودانية..!! وكنا نتمنى أن تحقق مركزاً يُعتد به ويكون مبرراً لبهجة ليست مفتراة؛ فيكتمل سرورنا بإنجازها رغم أنه لا مجال للفرحة إلاّ نادراً في ظل المشهد العام للسياسة (صانعة هذا التأخر المزري في جميع المجالات)..! وهو تأخر في وجهه (الخاص) يعم الجامعات بدخان أسود كثيف؛ إذ نشفق على حالها وقلة حيلتها.. وبعضها ينجح (بإمتياز) في تفريخ (الهوَس).. ولا أشك بأن مجال التطرف وصناعته هو الوحيد الذي يمكن الحصول فيه على الرقم (1) العالمي؛ لو كانت لدينا جامعة أو كلية (مخصصة) للمشوهين عقلياً أو مرضى (الروح!!)..!
* لكن دعونا نفتش (روح) الموضوع الذي اتخذته جامعة السودان سلماً أقرب للدعاية السمجة من الحقيقة.. ولنسأل أرباب الاحتفال غير المثير للاستغراب في الزمان والمكان: هل بالفعل تقدمتم على جامعة الخرطوم حتى نبارك لكم (بالجد) هذا الحدث؟!! مع التأكيد بأن جامعة الخرطوم ذاتها أصبحت (أم الأزمات) بعد أن كانت (أم العبقريات)..! فحين يكون النظام السياسي معلولاً تداعت سائر المؤسسات بالعلل وسقطت… وهل نعيش سقوطاً أجلّ وأوضح مما نرى؟!
* إن التميز لن يتحقق في طقس (مكتوم) وبيئة كريهة وأمكنة أميز ما فيها ديوك الفساد و(علاعيل) النفاق.. مع ذلك تعلو (الحناجر) بالخدع دون أن تتورع من لحظة السواد التي تحتل الوطن؛ وهي نتاج أكاذيب (مدورة) لربع قرن، لم تنجو منها (بيوت الله) ناهيكم عن جامعات تسودها عتمة (هؤلاء!) وترهقها قترة (الملافيظ)..!
* على المحتفلين الباحثين عن سبب (للهجيج) والتسيُّب باسم (الإنجاز) أن يكفوا عن الضحك على أنفسهم.. فالسودان نفسه مفقود الآن؛ فكيف تكون (جامعاتنا) حاضرة؟!!
أعوذ بالله
————-
عثمان شبونة