حرية … سلام وعدالة

.

الغساسنة: ثمار مشروع الإنقاذ الحضارى !!


بنظرة سريعة للذين يقودون السيارات فى شوارع الخرطوم، نلاحظ أن معظم الذين يقودون السيارات الفارهة والباهظة الثمن هم من الفئات العمرية للشباب السودانى، بنين وبنات، تتراوح أعمارهم بين العشرين والثلاثين عام، يتساءل المرء هل يُعقل وفى ظل الوضع الإقتصادى المتردى فى السودان وتوقف كل أنشطتة دون إستثناء، أن يكون هناك مستوى من الدخل يتيح لهؤلاء الشباب حديثى التخرج وقليلى الخبرة العملية كل مظاهر الرفاه الذى يتمخطرون ويتزيون به فى شوارع الخرطوم وأحيائها الراقية، وحتى فى الأحياء القديمة والمعروفة بمستوى الدخل المتوسط لغالبهم أبت دنانير الفساد إلا أن تطل برأسها فى صورة سيارات فخمة وعمارات تشمخ وسط المنازل المتواضعة التى إشتهرت بها الطبقة الوسطى والدنيا، وسط تظاهر وتباهى إجتماعى يثير إنتباه كل من له عقل ليصيح متسائلاً من أين لهذا الشباب الغض كل هذا الجاه والرفاه؟، وإذا أعمل المرء قليلاً من الجهد لوجد أن معظم هؤلاء الشباب والشابات يجمع بينهم رابط له علاقة بالمؤتمر الوطنى بصورة أوبأخرى أو بحكومته التنفيذية، سواء أكانت علاقة تنظيمية أو علاقة عائلية.
إن الملازم أول غسّان عبدالرحمن الموظف بمكتب الوالى عبدالرحمن الخضر، والذى شغل الرأى العام هذه الأيام بإختلاسه هو آخرون لمئات المليارات من الجنيهات وأمثاله شباب كثر ولغوا فى مستنقع الفساد مؤخراً، هم حصاد ثمار مشروع الإنقاذ الحضارى، هذا المشروع سئ السيرة والذكر هو من قدم هذا النموذج والقدوة الفاسدة والتربية الإنتهازية للشباب وشجعهم على تجاوز سقف طموحاتهم، وأوعز إليهم ودربهم على إستباحة المال العام والحصول على ما لايستحقون، لقد حكى لى العديد من أبناء الأهل الطلاب بالجامعات السودانية أن زملاءهم الطلاب من منتسبى المؤتمر الوطنى يأتون للجامعة وهم يركبون أفخر موديلات السيارات ويمتلكون آخر صحيات الموبايلات ويفطرون بأطيب أنواع الوجبات فى حين أن باقى الطلاب يتناولون البوش ويعانون فى دفع رسوم التسجيل والحصول على مصاريف الموصلات، إذاً من يلوم الطلاب الذين يعانون من الفقر والعوز من التهافت للإنضمام لتنظيم طلاب المؤتمر الوطنى بالجامعات؟، بل لدى تجربة مع طلاب وجدوا أنفسهم أمام خيارين إما ترك الدراسة بسبب عدم القدرة على دفع رسوم الدراسة أو الإلتحاق بتنظيم طلاب المؤتمر الوطنى فى الجامعات لإستكمال دراستهم وكل من إلتقيت بهم إختاروا الخيار الثانى، وهو ما يهدف إليه المؤتمر الوطنى من تمييز طلابه والتضييق على باقى الطلاب بدفع الرسوم المرهقة حتى يفروا زرافات ووحدنا نحو الإنضمام إليه وإستخدامهم فى حروباته السياسية من أجل البقاء فى السلطة، أذكر أننى قد مررت يوماً بالشارع الذى يمر جنوب قاعة الصداقة وقد لفت نظرى حجم السيارات الجديدة المتوقفة هناك وعندما تساءلت عن من هم هؤلاء؟، قيل لى أن هذا الحشد لطلاب المؤتمر الوطنى المسمى بالإتحاد العام للطلاب السودانيين، تساءلت فى سرى كيف لمثل هؤلاء الطلاب أن يقبلوا العمل فى بداية السلم الوظيفى والذى يخلوا تماماً من أى إمتيازات مثل السيارة الفارهة والسلطة البائنة التى تظهر من خلال تعاطيهم الصلف مع المجتمع من حولهم؟. 
المصيبة الكبيرة أن هولاء هم خريجو السودان وهم شباب يُفترض فيهم أن يكونوا نصف الحاضر وكل المستقبل، وأن البلاد تنتظر منهم أن يتعجم عودهم بالعمل وإكتساب الخبرة بالجد والمثابرة وصعود السلم الإجتماعى عتبة عتبة، ومن ثم يسهموا فى حل مشاكل الوطن وسد إحتياجاته من الخبرات والعقول، ولكن كيف يحدث هذا الحلم الوطنى والمؤتمر الوطنى يسعى لتخريج طلاب متعطشين لنهب المال العام؟، وهم حتى وقبل أن يتسلموا شهاداتهم الجامعية يكونون قد حددوا الوجهة الثمينة التى سيتوظفون فيها ليس لأن الوظيفة فى المرفق الذى اختاروه سيطورون عبرها قدراتهم العلمية ويكتسبون فيها الخبرات العملية وإنما لأن الموقع يمكنهم من نهب المال العام، ليتسنى لهم سريعاً بناء العمارات وركوب السيارات الفارهة ومن ثم الزواج الفاخر والحياة الباذخة المترفة دونما تفكير فى ترقية الشهادات العلمية وإكتساب الخبرات المهنية، فشباب اليوم مهوسون بالحصول على إمتيازات فى الحياة عبر أقصر الطرق وهى حتماً طرق غير شرعية، وليس عبر الطريق المعروف والمعتاد منذ الأزل والذى يخرط فيه الخريج الشاب القتاد ليصبح ما يريد أن يكون وماتريد أسرته أن يكون وما يريد وطنه أن يكون .
فماذا نتوقع من غسان وزملائه الغساسنة الذين تعج بهم مرافق الدولة سوى النهب المنظم لمقدرات الدولة وأموال الشعب السودانى، هؤلاء هم خلاصة وعصارة ثمرات مشروع الإنقاذ الفاشل، الذى يرتكز على سياسة إفقار الشعب السودانى وتجويعه ولكى يسدوا رمق جوعهم لابد أن يتبعوا خطه ونهجه، وهكذا باض الفساد وأفرخ هؤلاء الشباب اللصوص الذين ستستمر معاناة الشعب السودانى معهم لأنهم تغلغلوا فى كل مفاصل الخدمة المدنية وتمرسوا على السرقة بصورة لم يسبقهم عليها أحد.
الحل يكمن فى أن يجمع الشعب السودانى أمره ويدعم كل الجهود التى تهدف للإطاحة بالمؤتمر الوطنى حتى يستطيع كنس كبار الفاسدين ومعهم أشبالهم من الغساسنة الذين لو استمرت هذه الحكومة لتأزمت مشكلتهم لدرجة يصعب حلها فى المستقبل.
——————————
المتوكل محمد موسى
Almotwakel_m@yahoo.com

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 20.00% ( 1
شارك في التصويت )


مشابه

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.