تحكي قصة الكاتب التركي عزيز نيسين : (آهٍ مِنّا نحنُ مِعشر الحمير) ، عن حِمارٍ كان يعيش وحيداً في غابةٍ ، وفي يومٍ ما ، وفيما كان يلهو ويأكل ، جاءته نُسيمات تحذره من رائحة ذئبٍ يقترب ، لكنه أقنع نفسه أن الرائحة ليست لذئب ، وكلما اقتربت تلك الرائحة كان يجد تفسيراً مُطمئناً لها ، فمرةً يقول أن الصوت ليس صوت أقدام ذئب ولا الرائحة رائحته ، وأخرى ، يتذكر أنه – ومنذ مدة – صار يرى القطط ذئاباً في أحلامه ، وعندما اقترب الذئب منه حقيقة ، قال : حتى لو كان ذئباً فهو إن شاء الله ليس كذلك ، ولما أمسك به وحس بأنفاسه ولعابه ، أغمض عينيه ، وقال : أعرف إنك لست ذئباً ، ولكن ما أن غرز الذئب أنيابه في ظهره ، حتى صرخ متألما : آه .. آه إنه ذئب فعلاً ، وهكذا لم يبق من الحمار سوى النهيق عبر الزمن .
بلا شك إنها قصةً فكِهة وتستحق التأمل ، ومع ذلك فإنني أرهن على أنها حال (حُكيت) في بلادنا هذه الأيام لن تجد من يصيخ لها ، ناهيك عن تحظى بمن يتأملها ، فبلادنا – والحمد والشكر لله وحده – تزخر بسياسيين ، يعتبر (حمار) القصة بالنسبة إليهم نابغة وعبقري.
فحمار عزيز نيسين توصل للحقيقة بعد أن غرز الذئب أنيابه في رقبته ، بينما المسؤولين في بلادنا يُنكرون الحقيقة ، رغم أن (الذئب) المُفترس (وثب) علينا ، وغرز أنيابه المسمومة في رقابنا.
ولكي تعلموا مبلغ (الإستحمار) الذي وصل إليه أحدهم ، وهو العقيد الصوارمي الناطق بإسم جيش المشير ، قال وهو ينفي – كعادته – وصول مرض (الايبولا) للبلاد ، وبعد أن أخرج ذيله وهزه ذات اليمين والشمال ، قال ان ( بلادنا خالية من الأيبولا و الحمى النزفيه) ثم إستدرك قائلاً : ( حتى لو كانت تلك الأمراض موجودة فهي لن تزيدنا إلا عزيمة وقوة) !!
وهذا بلا شك مبلغاً (حمارياً) بئيساً يستحق البحث والمتابعة من علماء (علم سلوك الحيوان) ، لأنه ومنذ أن فارق (أبونا آدم) الجنان العليا إلى الحياة الدنيا ، وحلق (غراب) هابيل في الهواء ، لم يحدث أن تفوه غراب أو حمار أو نعجة أو ضب أو ضبع بمثل هذا الحديث البائس !
خبروني بالله عليكم كيف تزيدنا الأيبولا قوة ؟ وكيف تمنحنا الحمى النزفية عزيمة ؟!
نحمد الله ان ملامح الفترة الرئاسية الجديدة قد بدأت بحمحمة هذا (الجحش) الصغير تمهيداً لنهقة (الحمار) الكبير بعد الفوز الأكيد في المهزلة القادمة بنسبة 99% من الحمير الذين سيمنحونه صوتهم .
حمى الله بلادنا وشعبنا من الأيبولا والحمى النزفية ومن كيد البشير والحمير .
—————-
كبسولات فيسبوكية – عبد المنعم سليمان