حرية … سلام وعدالة

.

الاستقاله


قبل عشرت سنوات من الان توقفت امام ضابط التحيق وكان برتبة ملازم اول اذ لم يمر على حياته العمليه سوا اربعة سنوات قضاءها بين هذه المكاتب المغلقه بسرية العابرين فيها واليها والموجوده تحت الطابق الارضى لمبانى الامن العام كان كل ما خرج به وهو مازال فى سنه المبكره تلك مطلبات وظيفته وهو إنتزاع المعلومات التى تساعد رؤساءه من تمرير التقارير الازمه للرئاسة لرفعها لجهات الاختصاص كان هو حريص فى ان يقدم تقريره النهائى فى قضون ثلاثة ايام لينتهى من وجباته المنوط بها لتضاف لسجله الخاص حفاظا على سرعة الترقيه كان فهمه ينحصر فى الوصول لتلك الغاية فقط طالما كانت فلسفة الجهاز الذى يعمل به محصوره فى هكذا اهداف . . للوهله الاولى بدا بارد وعادى وانا ومن طوال خمسين عاما من الصبر والحقيقه تدرجت على هذه المكاتب منذ ما كنت طالبا فى المرحلة الثانويه الى الجامعه والوظيفه ثم المعاش لم إنكسر ولن ألين ولم أتغير ولدنا فى هذه الحياة دون حلم محدد وترعرنا بين السنوات نحلم ونحمل هموم الحقيقة ومناهضة الظلم .. وتذكرت ابيات الشاعر محمد المكي ابراهيم
لأن أبا ضاجع أما …فأولدها فأس يشدق بطن الأرض ….
وتعجبت لغة الشعراء الادباء فى إنتقى الكلمات والترابط الروح والجسد وتفاصيل الحياة …وسريعا تجاذبتنى كلمات صلاح عبد الصبور التة اقتبس ساعرنا ود المكي بعض الفكرة وهى الاصل
لأن فقيرا بذات مساء سعى نحو حضن فقيرة
فأضفأ فيها مرارة أيامه القاسية
كان الوالد يترنم بها ..أو كان تأخذه الدهشة بين الكلمات …
وأنا فى هذا الوضع لم يكن ينقصنى الصمت المطبق بين نظرات يرسلها بين الفنيةوالاخر ضباط التحقيق و أنا اتامل فى عدم اكتراس طلما تعودته على مثل هذه المواقف ما بين التحقيق والاعتقال ومحاولة الأخرين ترويضنا للإستسلام …….
وتزاحمت امامى مئات الذكريات تحمل اطياف تنساب فى رحيق الصمت المطبق بين الجدران وتتوالد صور لاحباب واصدقاء والاحداث ..وكيف تعلمنا بين الايام نبط الترابط بين الناس جدارا من احساس دافق تسبغه توارد الحقيقية بيننا ونحن نسير فى دروب الحياة الملئية بالافراح والاحزان والكثير من منعطفات الزمان الذى يتقاسمنا كالظل بين الايام …
حتى هو ازهله عدد الملفات الخاصه بى هذا الملف الاقدم 1971 قفل فى . . ثم الملف التالى مارس 1972 و . . . و. . و فتح فى 1990 واستمر يقلب صفحات الاورق التحقيق وأدرك ان المقدم الذى كلفه بهذا الامر اراد التخلص منه اذا عجزت كل تلك السنوات والملفات واوراق التحقيق فى الخروج بنتيجة معى اضافة لمدة الاعتقالات الطويله دون ان اتزحزح من موقفى خطوة . . . لم يسألنى قط ولم يكتب شئ ابدا ولم يستعمل ادوات التعذيب التى جهزت مسبقا . . . وبعد عاما من تلك اللحظة أو يزيد علمت بانه قد تقدم باستقالته المسببه لرؤساءه موكد ان الشخص الماثل امامه وطوال اربعين عاما ثابت مثل نبض الحياة لا يمكن ان يكون على باطل وخاصة انه لم يثبت فى فتره خيانتة لاهله او وطنه ولم يسرق ولا يتاجر بشئ غير قانونى او اخلاقى قابلته مرة فجأه فى الاعتقال نتيجة لتلك اللحظأت التى قضاءها معى بصحبة ملفات التحقيق
——————–
عبدالعزيز عطية

مراجعات

  • مستوى التفاعل 0%
تقييم القراء 0.00% ( 0
شارك في التصويت )



اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.