الخلافات بين القوى السياسية في ليبيا امتدت لتلقي بظلالها على الحكومة الجديدة التي كلف بتشكيلها أحمد معيتيق، وتهدد بفشلها في الحصول على ثقة المؤتمر الوطني العام.
تفصل بين رئيس الحكومة الليبية الجديد أحمد عمر معيتيق واعتماد حكومته، أزمة قانونية ودستورية وسياسية تشتعل بين الكتل السياسية تحت قبة المؤتمر الوطني العام (البرلمان).
وتوحي التصريحات الداعمة لمعيتيق وتلك الرافضة لتكليفه على رأس حكومة توافق وطني بأن حصوله على ثقة البرلمان في حكومته "لن يكون سهلا".
لكن أطرافا سياسية وبرلمانية تقول بعكس ذلك، وترى أن من وقف لدعمه وتكليفه قادر على مساندته إلى آخر لحظة. ويلفت هؤلاء النظر مثلا إلى تصريحات رئيس كتلة العدالة والبناء الإسلامية نزار كعوان التي قال فيها إن "معيتيق رئيس لحكومة ليبيا، شاء من شاء وأبى من أبى".
وبدوره، فإن ممثل كتلة المبادرة الوطنية محمد يونس بشير يؤكد للجزيرة نت أنه لا توجد أزمة في حصول حكومة معيتيق على الثقة خلال الجلسات القادمة، وأن الرجل باستطاعته تشكيل حكومة يلتف حولها الجميع، خصوصا أن الأغلبية البسيطة المطلوبة لمنحه الثقة تتكون من 95 عضوا وهو رقم بالإمكان الوصول إليه.
حقيقة الأزمة
لكن بشير يرى أن الإشكالية أو الوجه الحقيقي للأزمة يكمن في رفض مجموعة من الأعضاء لمعيتيق بعد فشلهم في انتخاب مرشحهم محمد بوكر.
ودافع المتحدث عن إجراءات انتخاب معيتيق، وقال إن كتلة الستة المدنية هي من رشحته، نافيا صلة معيتيق بالكتل المحسوبة على الإسلام السياسي وهي العدالة والبناء والوفاء للشهداء.
أما رئيس الدائرة السياسية في حزب العدالة والبناء صالح المسماري فأكد للجزيرة نت أنه على ثقة بدعم الحكومة المرتقبة من قبل الأعضاء "لأنهم سيقدمون مصلحة الوطن"، قائلا إن المؤتمر الوطني العام سيجد مخرجا سياسيا للأزمة إما بإعادة الانتخاب أو بمنح الثقة للحكومة، موضحا أن المؤتمر قادر على الخروج من هذا المأزق.
في المقابل، جاء أقوى هجوم على تكليف معيتيق من عز الدين العوامي النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني، حيث قدم في وقت سابق طعنا لدى الهيئة الدستورية التابعة للمحكمة العليا للفصل في الخصومة الدستورية مستندا إلى المادة 37 للائحة الداخلية للمؤتمر التي تقول إن "كل عضو من أعضاء المؤتمر الوطني العام يكون متغيبا عن الجلسة عند البدء في التصويت، يعتبر ممتنعا بحكم هذا النص".
لكن إدارة القانون في وزارة العدل الليبية تؤكد من جانبها أن العوامي كان الشخص المخول بالجانب الإجرائي في الجلسة التي عقدت يوم 5 مايو/أيار الجاري وانتهت بانتخاب معيتيق، وأنه هو نفسه من قال إن الأمر تم عندما وصلت أصوات معيتيق إلى 113 صوتا من أصوات الأعضاء الحاضرين البالغ عددهم 185 عضوا.
"إسلام الحاج: الأزمة لن تلقي بظلالها فقط على منح الثقة للحكومة، بل قد تتعداها إلى صدام مسلح"
تهديد بالتصعيد
ويسير في سياق تصريحات العوامي عضو المؤتمر الوطني العام الشريف الوافي الذي يؤكد للجزيرة نت استحالة منح الثقة لحكومة معيتيق التي قال إنها جاءت "بالتزوير"، متحدثا بالتالي عما وصفها بجملة من الخطوات التصعيدية ضد انتخاب معتيتق، بينها رفع دعوى قضية مستعجلة ضد تكليفه، ومؤكدا أن 40 عضوا يؤيدونه في هذا المسار.
وعن حل المشكلة يقول الوافي إنه مستعد لدعم معيتيق وفق حل يرضي جميع الأطراف على حد قوله، ويتمثل في حصول حكومته على 120 صوتا في اقتراع سري يقترح الاحتكام إليه.
وسار في الاتجاه نفسه عضو المؤتمر -المستقيل- إبراهيم الغرياني الذي يتوقع هو الآخر صعوبة حصول معيتيق على الثقة لحكومته في ظل غضب الشارع الليبي عليه وعلى أسلوب انتخابه.
واستند الغرياني في حديثه للجزيرة نت إلى ما وصفها بمواد قانونية ودستورية "معقدة" تؤكد أن انتخاب معيتيق جاء "باطلا".
وتعليقا على هذه التطورات حذر المحلل السياسي إسلام الحاج من خطورة "تعنت" الكتل السياسية، مؤكدا في حديث مع الجزيرة نت أن الأزمة لن تلقي بظلالها فقط على منح الثقة للحكومة، بل قد تتعداها إلى صدام مسلح، ومشيرا إلى بوادر أزمة كبيرة بعد رفض القيادات الفدرالية في برقة شرقي ليبيا التعامل مع حكومة معيتيق التي أكد أن مرورها "لن يكون بسلام".
وبدوره اعتبر الناشط السياسي زياد أدغيم أن بداية معيتيق لا تبشر بالخير، مؤكدا للجزيرة نت أن من الضروري اللجوء إلى التوافق بعيدا عن دهاليز المؤتمر الوطني العام.
المصدر : الجزيرة